دولة هتمان على الضفة اليسرى
تميز بداية القرن الثامن عشر بتعقيد الموقف المحلى و السياسي الأجنبي في الضفة اليسرى من أوكرانيا. و قد تسببت الحرب الشمالية بين روسيا و السويد من أجل ساحل بحر البلطيق في زيادة الضغط الإقتصادي من جانب حكومة القيصر على أصحاب المصانع الأوكرانية. و قد كان هناك جذب لمواردها البشرية للمشاركة في الأعمال العسكرية و الحصون و البناء. و قد وقع العبء الضريبي ليس فقط على المواطنين القوزاق و الفلاحين ولكن وصل أيضا إلى الصفوة الإجتماعية.
إيفان مازيبا (1644-1709) الذي تم إنتخابه هتمان في عام 1687 عمل على فرصة الغزو السويدي في أوكرانيا ليأخذ خطوة محفوفة بالمخاطر. معا بإتحاداته وأربعة ألاف قوزاق إتحد مع جيش كارل الثاني عشر في أكتوبر 1708. و قد تم عاجلا عمل إتفاقية بين أوكرانيا و السويد نصت على الإستقلال الكامل لأوكرانيا من " كل الإستحواذات الأجنبية". و لسوء الحظ, فإن الشعب الأوكراني العام الذي لم يكن يعلم بشكل كاف عن نوايا الهتمان لم يؤيد خططه مما أدى إلى إثارة عصيان ضد بيتر الأول. و بشكل خاص, خشي الفلاحون و القوزاق العاديون من إيجاد طريقهم إلى عبودية الشلياختا البولندية. و علاوة على ذلك, لم يرغبوا في إعادة تجديد القوانين التي كانت موجودة في الإقليم الأوكراني بأكمله منذ عام 1648. و إنقض القمع الجماهيرى من جانب قوات القيصر على المشتبه في أن يكون لهم علاقات مع مازيبا. و قد تم إضطهاد المئات من القوزاق والضباط و تم حبس بعضهم و إبادة البعض الأخر. و قد تم إعلان إيفان مازيبا خائنا و تم تحريم اسمه. و بأمر من القيصر, قام الضباط بتعيين سكوروبادسكي ( 1646-1722) ليكون الهتمان الجديد.
و بعد هزيمة الجيش السويدي بالقرب من بولتافا في يونيو عام 1709 و إستسلام كارل الثاني عشر و حلفائه, تم تنفيذ عدوان القيصرية ضد الحكم الذاتي لدولة الهتمان بسرعة أكبر. و تم منح المناصب العليا في إدارة الهتمان للأشخاص المكرسين لبيتر الأول. أولا, ظهر مالكو الأراضي في أوكرانيا و كانوا المحربون المقربون للإمبراطورية الروسية. و قد غادر الألاف من القوزاق إلى تركيا بحثا عن ملاذ. و قد أبادت بالتالي حكومة بيتر الأول كل آثار نظام الدولة الأوكرانية و قوضت رخاء الشعب الأوكراني. و قد حطمت القوة الإقتصادية لأوكرانيا. و أثناء إنتخابات سكوروبادسكي ( 1708), رفض بيتر الأول توقيع مواد إتفاقية تقليدية بين روسيا وأوكرانيا. وقد تم حرمان الهتمان الجديد من حق إتخاذ قرارات مستقلة. و الخطوة التالية في الحد من حقوق الحكم الذاتي في أوكرانيا تمثلت في تكوين أول كوليجيوم روسي صغير ( 1722) الذي أصبح السلطة الإدارية الرئيسية في دولة الهتمان. و التدابير بالأخذ في الإعتبار التصفية المتوالية لحكم القوزاق الذاتي المحلي تم إتخاذها في سلوبوديان و أوكرانيا. و سياسة بيتر الأول لم تقدم أية مساعدة ولكن تسببت في مقاومة الصفوة الوطنية التي إعتقدت أن فكرة الإستقلال الأوكراني مازالت قائمة. و قد ظهرت بالأكثر في الدستور الذي وضعه أورليك و الذي تم فيه تعميم التجربة الأولية للإقامة الدولة الأوكرانية و تم تحديد السبل المستقبلية لتطويرها. و في منتصف العشرينات من القرن السابع عشر, تم تعيين بولوبوتوك ( حوالي 1660-1724) هتمان و نهض للدفاع عن نظام الدولة الوطنية في أوكرانيا. و لم تلق خططه الدعم من المجتمع المشوش و الذي مزقه الصراع الإجتماعي.
وفي أثناء حكم خلفاء بيتر الأول, تبدل الوعي النسبي للعلاقات في الإمبراطورية الروسية مع أوكرانيا بتقوية ميول الإندماج. و قد تم إلغاء كوليجيوم روسيا الصغير أثناء حكم بيتر الأول. و في عام 1727, تلقى الأوكرانيون السماح بإنتخاب هتمان جديد. و تم إنتخاب أبوستول (1654-1734) وهو كولونيل من ميرهورود ليكون الهتمان الجديد. و أثناء حكمه, نجح في تحقيق بعض الإصلاحات مثل تحسين النظام القضائي و تأمين عودة القوزاق إلى دولة الهتمان و قام بتأسيس " السيش الجديد". و كانت كل أنشطة الهتمان تحت سيطرة مواطني القيصرية. وقد تم حرمانه من حق العمل في السياسة الخارجية و كان خاضعا للمشير العام الروسي. و تم أيضا تحديد الإمتيازات الإقتصادية و القانونية في سلطة الهتمان بشكل أساسي. و قد بدأت القيصرية في التدخل في شئون أوكرانيا. و قد تم توسيع موجة المظاهرات لإستعادة منصب الهتمان في أوكرانيا بين ضباط القوزاق الأخرين.
في عام 1750, تم إنتخاب روزوموفسكي ( 1728-1803) ليكون أخر هتمان في أوكرانيا. و في سياسته المحلية أعاد تنظيم جيش القوزاق و عمل إصلاحات في المحاكم و قام بتجميع إجتماعات ضباط القوزاق. كما حاول إتباع سياسة خارجية مستقلة تؤيد نقل المشاكل الأوكرانية من نطاق سلطة مجلس الشيوخ إلى كوليجيوم الشئون الخارجية. كما طالب بتحرير الأوكرانيين من الإشتراك في العمليات العسكرية خارج الأراضي الأوكرانية. و قد أعاقت كاترين الثانية ذلك بتقليل سلطة روزوموفسكي و إتخذت قرارا بتصفية زعامة الهتمان تماما. و تم تشكيل كوليجيوم روسيا الصغير الثاني عام 1764. و قد كانت مهمته التصفية التامة لحق الحكم الذاتى الذي كان لا يزال مستخدما في الضفة اليسرى. و دخل إعتداء القيصرية على البقية المتبقية من الحكم الذاتي الأوكراني مرحلته الأخيرة في سبعينات و ثمانينات القرن السابع عشر. و في عام 1765, أمرت كاترين الثانية بتصفية جيش القوزاق في سلوبوديان. و قد تم تنظيم إقليم سلوبوديان الأوكراني و تم إدخاله فيما بعد في نيابة ملك خاركيف.
و قد نادي مرسوم صدر في الثالث من أغسطس 1775 بتصفية زابوريزهيان سيش. و قد خضع أيضا النظام الإجتماعي السياسي للهتمان بأوكرانيا لتغيرات جوهرية. و في أوائل ثمانينات القرن السابع عشر, تم تقسيم أراضيها إلى مناطق يحكمها جنرالات حاكمة و في ذلك الوقت تم التخلص من نظام المحكمة التقليدي. و تم مد قوة " ميثاق النبالة" إلى الضفة اليسرى من أوكرانيا عام 1785. و تم لاحقا إقامة السلطات الحاكمة الإمبريالية العامة و المعايير و العادات. وبشكل أساسي تم تدمير كل الأجهزة و المؤسسات الأوكرانية.
و في نهاية القرن, لم تفقد أوكرانيا إستقلالها السياسي ولكن الإقتصادي أيضا كنتيجة لسياسة الإمبراطورية الروسية الإقتصادية. و تم تدعيم الإعتماد السياسي و الإقتصادي على الدولة الروسية و فقدت دولة الهتمان أصالة نظامها. و قد كانت هذه العملية أسرع في جنوب أوكرانيا والتي كانت ذات كثافة عالية بالسكان في أواخر القرن الثامن عشر. و في عام 1796, نفذت الحكومة الروسية نظام عبودية الأرض هناك.
|